في تعدية الفعل (
راود) بحرف الجر (
عن) سر
فإنه لما كانت المراودة تدل على الحركة وكان حرف (
عن) يدل على المجاوزة
فكأنها أرادت بكل حيلها وأنوثتها تجريده من نفسه هو ليكون لها وحدها
4- ( وغلقت الأبواب وقالت هيت لك)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هذه اول خطوة قامت بها امرأة العزيز في سبيل رغبتها
وهي خطوة ذات شقين فعلي
قول (
وغلقت الأبواب) وقول (
هيت لك)
وتشير كلمة(
غلقت)
إلى إحكام الغلق وإلى كثرة الأبواب تهيئة لفعل مرادها
ويلفت النظر هنا الإيجاز الشديد في ذكرهاتين الخطوتين ( التعليق – والقول) ففيه إشارة إلى ضرورة الإختصار في كل مايتعلق بهذه القضية
وعدم التطويل في سرد التفاصيل المحركة للغرائز
5- ( قال معاذ الله )[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في إظهار قول يوسف عناية بإبراز ما تفوه به في تلك اللحظة مقابل ما تفوهت به ليتضح الفرق
بين لغة الشهوة والخيانة ولغة العفة والوفاءوفي سبق (
التعوذ) إلى لسانه دليل على
عظم صلته بربه وقربه منه وإلا فإنه لا يوفق لمثل هذا كل أحد
( إنه ربي)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فذكر عنوان الربوبية هنا دون السيادة لما فيه من الإعتراف
بالمعروف والفضل وهذا دليل على أن من المروءة
ورفيع الأخلاق ان يحفظ الإنسان حق من أحسن إليه فضلاً عن أن يخونه والسياق هنا دال على ان المراد هو من رباه
وقال (
أكرمي مثواه)
لا خالقه لأنه المتبادر إلى مفهوم المرأة المتلقية للخطاب
(
ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]صدرالأول بما يقرر وجوده من التأكيد القسمي (
ولقد)
وعقب الثاني بما يعفو أثره من
قوله تعالى( ولولا ان رأى برهان ربه) الدال على قبح الزنا وبما ان برهان ربه قد وجد (((
فالهم لم يوجد)))
( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شهد الله تعالى في هذه الأية على طهارة يوسف اربع مرات1-(لنصرف عنه السوء) واللام للتأكيد والمبالغة وإن السوء صرف عنه وهذا أبلغ من ان يصرف هو عن السوء
2- والفحشاء فصرف عنه السوء والفحشاء
3-إنه من عبادنا فأضافه إليه
4-المخلصين وقرئت بفتح اللام وكسرها
( واستبقا الباب ) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ولم يقل واستبقا (
إلى) الباب
1-لأن الإستباق ليس مقصوداً لذاته بل هو وسيلة والمقصود
هو الباب ولو قيل
استبقا إلى البابلكان الباب منتهى السياق لأنه يتجاوز الباب يتغير المكان والموقف كله لذا كانت حريصة على منعه من ذلك
2- وليشير إلى سرعة الوصول حتى لكأنهما في لحظة قد وصلا الباب
( وقدت قميصه من دبر)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وفي ذكر
قد القميص وتحديد مكان القد إشارة إلى
أن يوسف هو الأسبق إلى الباب وهذا يعني أنه هو الهارب وهي المطاردة وفي ذكر مادة (
القد) دون ( ا
لشق)
لأن ( القد) لا يكون إلاطولاً وهذا اكثر مطابقة للواقع( ما جزاء من أراد بأهلك سوء)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لم تقل
ماجزاء يوسف فكأنها لا تريد ان يصيب معشوقها
مكروه مقصود يؤذيه هو بعينه
لذا أخفت اسمهعند لحظة المواجهة – كما أن في ذلك تخفيفاً من رد يوسف عليها –
إذ لو أشارت إليه أو نسبت الأمر بصراحة إليه لربما حدث أمر آخر
في قولها (
بأهلك) بدلاً من قولها (
بي) فائدة
وهي إضافة نفسها إلى العزيز لتثير عاطفته نحوهاولتغريه بهذا الذي اعتدى على العزيز في أهلهوفي اختيار (
الأهل) دون (
الزوجة)
ما يوحي بالإستقرار والراحة كل هذا لتحفز زوجها على نصرته
لها وترويض خصمها فهي تقيس هنا مجموعة مشاعر مختلفة
بين استغراب وسؤال ورهبة وعشقكل ذلك استطاعت استيعابه بخطاب شامل يدل على قدرة فائقة في ذلك
( إلا أن يسجن أو عذاب أليم)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]سبق السجن ب(
ان والفعل ) بينما جاء (
العذاب) صريحاً موصوفاً
ولم يقل (
أن يعذب) لأن لفظ السجن يطلق على البيت الذي
يوضع فيه المسجون ويطلق على مصدر سجن فحتى
لا يتبادر إلى الذهن الموضع فقط ذكر الفعل مسبوقاً ب(
أن )
ليتحقق معنى الفعل لأنه الذي فيه النكاية
التعبير ب(
أن يسجن) لا يدل على الحبس الدائم
بل المراد سجنه يوماً أو أقل على سبيل التخفيف
ولو أراد الحبس الدائم لقال (
يجب ان يجعل من المسجونين)
كما قال فرعون حين تهدد موسى عليه السلام في قوله
(
لئن اتخذت إله غيري لأجعلنك من المسجونين ) الشعراء 29
( قال هي راودتني)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والمتوقع ان يقول(
هذه راودتني) ولعل السر في ذلك
هو للإعلام بانصرافه عنها وعدم اهتمامه بها لخيانتها
واتهامها لبريء وهو موافق لما جبل الله عليه الأنبياء من حسن الأدب ولطف القول فهي لما كنت عن نفسها فقالت (
بأهلك)
ولم تقل(
بي) كنى عليه السلام عنها بضمير (
الغائب)
فقال(
هي راودتني ) ولم يخاطبها ب(
انت راودتني) ولا أشار إليها (
بهذه راودتني ) تأدباً في اللفظ
(
وشهد شاهد )[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تلحظ العناية بشأن الشهادة حيث ذكرت في لفظين متجاورين
(
شهد ) يمثل القيام بالفعل وهو الشهادة
و(
شاهد) يبين ان الذي قام بالفعل من أبرز صفاته الشهادة
ولولا هذا المعنى لقيل (
وشهد بعض أهلها) وتقييد الشاهد بكونه
(
من أهلها) فيه دلالة على قوة شهادته إذا شهد عليها
لأن المتوقع في مثل هذه الحالة ان يشهد لها لا عليها بسبب الحمية